فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد بيّن ابن عمر في صحيح البخاريّ هذا المعنى، قال له أعرابيّ: أخبرني عن قول الله تعالى: {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة} قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤدّ زكاتها فَويْل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أُنزلت جعلها الله طُهرًا للأموال.
وقيل: الكنز ما فضل عن الحاجة.
رُوي عن أبي ذرّ، وهو مما نقل من مذهبه، وهو من شدائده ومما انفرد به رضي الله عنه.
قلت: ويحتمل أن يكون مجمل ما رُوي عن أبي ذرّ في هذا، ما روى أن الآية نزلت في وقت شدّة الحاجة وضعف المهاجرين وقِصَر يد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كفايتهم، ولم يكن في بيت المال ما يسعهم، وكانت السِّنون الجوائح هاجمة عليهم، فنُهُوا عن إمساك شيء من المال إلا على قدر الحاجة، ولا يجوز ادخار الذهب والفضة في مثل ذلك الوقت.
فلما فتح الله على المسلمين ووسَّع عليهم أوْجب صلى الله عليه وسلم في مائتي درهم خمسةَ دراهم، وفي عشرين دينارًا نصفَ دينار؛ ولم يوجب الكل، واعتبر مدّة الاستنماء؛ فكان ذلك منه بيانًا صلى الله عليه وسلم.
وقيل: الكنز ما لم تؤدّ منه الحقوق العارضة؛ كَفَكّ الأسير وإطعام الجائع وغير ذلك.
وقيل: الكنز لغةً المجموع من النقدين، وغيرهما من المال محمول عليهما بالقياس.
وقيل: المجموع منهما ما لم يكن حليًّا؛ لأن الحليّ مأذون في اتخاذه ولا حَقّ فيه.
والصحيح ما بدأنا بذكره، وأن ذلك كله يسمَّى كنزًا لغةً وشرعًا.
والله أعلم.
السادسة واختلف العلماء في زكاة الحليّ؛ فذهب مالك وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثَور وأبو عبيد إلى أن لا زكاة فيه.
وهو قول الشافعيّ بالعراق، ووقف فيه بعد ذلك بمصر وقال: أستخير الله فيه.
وقال الثّوريّ وأبو حنيفة وأصحابه والأُوزاعيّ: في ذلك كله الزكاة.
احتج الأوّلون فقالوا: قصدُ النَّماء يوجب الزكاة في العروض وهي ليست بمحل لإيجاب الزكاة، كذلك قطع النماء في الذهب والفضة باتخاذهما حليًّا للقِنْية يسقط الزكاة.
احتجّ أبو حنيفة بعموم الألفاظ في إيجاب الزكاة في النقدين، ولم يفرّق بين حليّ وغيره.
وفرّق الليث بن سعد فأوجب الزكاة فيما صُنع حليًّا لِيفرّ به من الزكاة، وأسقطها فيما كان منه يلبس ويُعار.
وفي المذهب في الحليّ تفصيل، بيانه في كتب الفروع.
السابعة روى أبو داود عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة} قال: كَبُر ذلك على المسلمين، فقال عمر: أنا أفرّج عنكم؛ فانطلق فقال: يا نبيّ الله، إنه كَبُر على أصحابك هذه الآية.
فقال: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث وذكر كلمة لتكون لمن بعدكم قال: فكبّر عمر.
ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأةُ الصالحة إذا نظر إليها سَرّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفِظته» وروى الترمذيّ وغيره عن ثوبان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: قد ذمّ الله سبحانه الذهب والفضة، فلو علمنا أيّ المال خير حتى نكسبه.
فقال عمر: أنا أسأل لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فسأله فقال: «لسانٌ ذاكر وقلب شاكر وزوجة تعين المرء على دينه» قال حديث حسن.
الثامنة قوله تعالى: {وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله} ولم يقل ينفقونهما؛ ففيه أجوبة ستة: الأوّل قال ابن الأنباريّ: قصد الأغلب والأعمّ وهي الفضة؛ ومثله قوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} [البقرة: 45] رد الكناية إلى الصلاة لأنها أعمّ.
ومثله {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] فأعاد الهاء إلى التجارة لأنها الأهم، وترك اللهو؛ قاله كثير من المفسرين.
وأباه بعضهم وقال: لا يشبهها؛ لأن أو قد فصلت التجارة من اللهو فَحسُن عَوْد الضمير على أحدهما.
الثاني العكس، وهو أن يكون {ينفقونها} للذهب والثاني معطوفًا عليه.
والذهب تؤنّثه العرب تقول: هي الذهب الحمراء.
وقد تذكّر والتأنيث أشهر.
الثالث أن يكون الضمير للكنوز.
الرابع للأموال المكنوزة.
الخامس للزكاة؛ التقدير ولا ينفقون زكاة الأموال المكنوزة.
السادس الاكتفاء بضمير الواحد عن ضمير الآخر إذا فُهم المعنى، وهذا كثير في كلام العرب.
أنشد سيبويه:
نحن بما عندنا وأنت بما ** عندك راضٍ والرأي مختلِف

ولم يقل راضون.
وقال آخر:
رَماني بأمر كنتُ منه ووالدي ** بريئًا ومن أجْل الطَّوِيّ رماني

ولم يقل بريئين.
ونحوه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
إن شرخ الشباب والشّعر الأس ** ود ما لم يُعاص كان جنونَا

ولم يقل يعاصيا.
التاسعة إن قيل: من لم يكنز ولم ينفِق في سبيل الله وأنفق في المعاصي، هل يكون حكمه في الوعيد حكم من كنز ولم ينفق في سبيل الله.
قيل له: إن ذلك أشدّ؛ فإن من بذّر ماله في المعاصي عصى من جهتين: بالإنفاق والتناول؛ كشراء الخمر وشربها.
بل من جهات إذا كانت المعصية مما تتعدّى؛ كمن أعان على ظلم مسلم مِن قتله أو أخذ ماله إلى غير ذلك.
والكانز عصى من جهتين، وهما منع الزكاة وحبس المال لا غير.
وقد لا يراعي حبس المال، والله أعلم.
العاشرة قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} قد تقدّم معناه.
وقد فسّر النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا العذاب بقوله: «بَشّر الكنّازين بكَيّ في ظهورهم يخرج من جنوبهم وبكَيّ من قِبل أقفائهم يخرج من جباههم». الحديث أخرجه مسلم.
رواه أبو ذرّ في رواية: «بشر الكنّازين بِرَضْف يُحْمَى عليه في نار جهنم فيوضع على حَلَمَة ثَدْيِ أحدهم حتى يخرج من نُغْض كَتِفيه ويوضع على نُغْض كَتِفيه حتى يخرج من حلمة ثُدْييه فيتزلزل». الحديث.
قال علماؤنا: فخروج الرَّضْف من حلمة ثَدْيه إلى نُغْض كتفه لتعذيب قلبه وباطنه حين امتلأ بالفرح بالكثرة في المال والسرور في الدنيا؛ فعوقب في الآخرة بالهمّ والعذاب.
الحادية عشرة قال علماؤنا: ظاهر الآية تعليق الوعيد على من كنز ولا ينفق في سبيل الله، ويتعرّض للواجب وغيره؛ غير أن صفة الكنز لا ينبغي أن تكون معتبرة؛ فإن من لم يكنز ومنع الإنفاق في سبيل الله فلابد وأن يكون كذلك؛ إلا أن الذي يخبأ تحت الأرض هو الذي يمنع إنفاقه في الواجبات عُرْفًا، فلذلك خُص الوعيد به. والله أعلم. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ}
قد تقدم معنى الأحبار والرهبان وإن الاحبار من اليهود والرهبان من النصرى وفي قوله سبحانه وتعالى: {إن كثيرًا} دليل على ان الأقل من الأحبار والرهبان لم يأكلوا أموال الناس بالباطل ولعلهم الذين كانوا قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم وعبر عن أخذ الأموال بالأكل في قوله تعالى: {ليأكلون أموال الناس بالباطل} لأن المقصود الأعظم من جمع المال الأكل فسمى الشيء باسم ما هو أعظم مقاصد واختلفوا في السبب الذي من أجله أكلوا أموال الناس بالباطل فقيل إنهم كانوا يأخذون الرشا من سفلتهم في تخفيف الشرائع والمسامحة في الأحكام وقيل إنهم كانوا يكتبون بأيديهم كتبًا يحرفونها ويبدلونها ويقولون هذه من عند الله ويأخذون بها ثمنًا قليلًا وهي المآكل التي كانوا يصيبونها من سفلتهم على تغيير نعت النبي صلى الله عليه وسلم وصفته في كتبه لأنهم كانوا يخافون لو آمنوا به وصدقوه لذهب عنهم تلك المآكل وقيل إن التوارة كانت مشتملة على آيات دالة على نعت النبي صلى الله عليه وسلم وكان الأحبار والرهبان يذكرون في تأويلها وجوهًا فاسدة باطلة ويحرفون معانيها طلبًا للرياسة وأخذ الأموال ومنع الناس عن الإيمان به وذلك قوله تعالى: {ويصدون عن سبيل الله} يعني ويمنعون الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والدخول في دين الإسلام {والذين يكنزون الذهب والفضة} أصل الكنز في اللغة جعل المال بعضه على بعض وحفظه ومال مكنوز مجموع واختلفوا في المراد بهؤلاء الذين ذمهم الله بسبب كنز الذهب والفضة فقيل هم أهل الكتاب.
قال معاوية بن أبي سفيان: لأن الله سبحانه وتعالى وصفهم بالحرص الشديد على أخذ أموال الناس بالباطل ثم وصفهم بالبخل الشديد وهو جمع المال ومنع إخراج الحقوق الواجبة منه.
وقال ابن عباس: نزلت في مانعي الزكاة من المسلمين وذلك أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر قبح طريق الأحبار والرهبان في الحرص على أخذ الأموال بالباطل حذر المسلمين من ذلك وذكر وعيد من جمع المال ومنع حقوق الله منه.
وقال أبو ذر: نزلت في أهل الكتاب وفي المسلمين.
ووجه هذا القول أن الله سبحانه وتعالى وصف أهل الكتاب بالحرص على أخذ أموال الناس بالباطل ثم ذكر بعده وعيد من جمع المال ومنع الحقوق الواجبة فيه سواء كان من أهل الكتاب أو من المسلمين (خ).
عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا بأبي ذر فقلت: ما أنزلك هذا المنزل؟ قال: كنت في الشأم فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب.
فقلت: نزلت فينا وفيهم فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب إلى عثمان يشكوني فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكرت ذلك لعثمان فقال إن شئت تنحيت فكنت قريبًا فذاك الذين أنزلني هذا المنزل ولو أمر على عبد حبشي لسمعت وأطعت واختلف العلماء في معنى الكنز فقيل هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته وروي عن ابن عمر: أنه قال له أعرابي أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} قال ابن عمر من كنزها فلم يؤد زكاتها ويل له هذا كان قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت جعلها الله طهرًا للأموال. أخرجه البخاري.
وفي رواية مالك عن عبد الله بن دينار قال: سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو فقال: هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة ورواه الطبري بسنده عن ابن عمر قال: كل مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا وكل مال لم تؤد زكاته فهو الكنز الذي ذكره الله في القرآن يكوى به صاحبه وإن لم يكن مدفونًا.
وروي عن علي بن أبي طالب قال: أربعة آلاف فما فوقها كنز وما دونها نفقة.
وقيل: الكنز كل ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه.
وروي الطبري بسنده عن أبي أمامة قال: توفي رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال النبي صلى الله عليه وسلم كية ثم توفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيتان كان هذا في أول الإسلام قبل أن تفرض الزكاة فكان يجب على كل من فضل معه شيء من المال إخراجه لاحتياج غيره إليه فلما فرضت الزكاة نسخ ذلك الحكم.
عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: والذين يكنزون الذهب والفضة، كبر على المسلمين فقال عمر: أنا أفرج عنكم.
فانطلق فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية.
فقال: إن الله لم يفرض الزكاة إلا لتطييب ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم.
قال: فكبر عمر ثم قال له: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته.
أخرجه أبو داود عن ثوبان قال لما نزلت والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه أنزلت في الذهب والفضة فلو علمنا أي المال خيرًا اتخذناه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه». أخرجه الترمذي وقال حديث حسن والصحيح من هذه الأقوال القول الأول وهو ما ذكرنا عن ابن عمر أن كل مال أديت زكاته فليس بكنز ولا يحرم على صاحبه اكتنازه وإن كثر وإن كان كل مال لم تؤد زكاته فصاحبه معاقب عليه وإن قل إذا كان مما تجب فيه الزكاة ويستحق على منع الزكاة والوعيد من الله إلا أن يتفضل الله عليه بعفوه وغفرانه ويدل على ذلك ما روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره كلما ردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقتضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» قيل يا رسول الله فالإبل قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم ورودها إلا إذا كان يوم القيامة بطح له بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلًا واحدًا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» قيل يا رسول الله فالبقر والغنم قال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئًا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا غضباء تنطحه بقرونها وتطؤه باظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقدار خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار أخرجه مسلم بزيادة فيه قوله كلما ردت أعيدت له هكذا هو في بعض نسخ صحيح مسلم ردت بضم الراء وفي بعضها بردت بالباء وهذا هو الصواب والرواية الأولى هي رواية الجمهور قوله حلبها هو بفتح اللام على المشهور وحكى إسكانها وهو ضعيف قوله بقاع قرقر هو المستوى من الأرض الواسع الأملس والعقصاء هي الشابة الملتوية القرنين وإنما استثناها لأنها لا تؤلم بنطحها وكذا الجلحاء وهي الشاة التي لا قن لها وكذا العضباء وهي الشاة المكسورة القرن (خ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعًا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه- يعني شدقيه- ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا قوله سبحانه وتعالى: {ولا تحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم}» الآية الشجاع الحية والأقرع صفة له بطول العمر لأن مَن طال عمره تمزق شعره وذهب وهي صفة أخبث الحيات والزبيبتان هما الزبدتان في الشدقين واللهزمتان عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنين.
وقوله تعالى: {ولا ينفقونها في سبيل الله} يعني ولا يؤدون زكاتها وإنما قال ولا ينفقونها ولم يقل ينفقونهما لأنه رد الكناية إلى المال المكنوز وهي أعيان الذهب والفضة وقيل رد الكناية إلى الفضة لأنها أغلب أموال الناس {فبشرهم بعذاب أليم} يعني الكافرين الذين لا يؤدون زكاة أموالهم (ق).
عن أبي ذر قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال: «هم الأخسرون ورب الكعبة» قال فجئت حتى جلست فلم أتقار حتى قمت فقلت يا رسول الله فداك أبي وأمي من هم؟ قال: «هم الأكثرون أموالًا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا من بين يده ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضي بين الناس». هذا لفظ مسلم وفرقه البخاري في موضعين. اهـ.